بقلم د / محمد عبد المجيد – باحث في العلوم الإدارية والإنسانية

كانت رحلته الى احدى مدن المنطقة الغربية لتنفيذ برنامج تدريبي في احدى مجالات التميز , وبينما كان في صالة الانتظار في مقابل بوابه رقم 1 وقبل موعد اقلاع الطائرة بحوالي 45 دقيقة اذا بصوت التنبيه “عفوا سوف تتأخر الطائرة عن موعد الاقلاع المحدد بحوالي 40 دقيقة نرجو منكم الانتظار ونعتذر عن هذا الخطأ الغير متعمد ” . عندئذ تعالت أصوات المسافرين ” لماذا كل هذا التأخير دائما ” وقد كان أحدهم غاضبا بشدة , ثم عاود كل واحد منهم النظر في هاتفه الجوال الذي يمسكه بين يده وجلسوا للانتظار حتى موعد الاقلاع الجديد.
(( جلس هو في حالة من الاسترخاء , وبينما كان ممسكا بكوب من القهوة , أخرج من حقيبته كتابا صغيرا وبدأ في تصفحه )) , وبعد دقائق أغلق الكتاب ووضعه بالحقيبة وأختار كتابا اخر وبدأ في تصفحه كذلك . نظر اليه أحد الجالسين بجواره وقال بابتسامة خفيفة وهو ممسك بكتابه ” عندما كنت صغيرا كنت مقتنعا تماما أنها سيئة بالقدر الكافي
تعجب كثيرا ” ! عن أي شيء تتحدث معذرة فلم أفهم عن ماذا تتحدث”
الحقيقة أن كثيرا منا مقتنع تماما بهذه الفكرة , مقتنع تماما أن القراءة من أصعب الأمور وأنه لا سبيل أبدا عنده لحبها أو التناغم معها , وهناك أسباب كثيرة كامنة من وراء ذلك , ولعلنا في هذا المقال الأسبوعي نحاول أن نلخص أسباب التكاسل عن القراءة والاليات التي تساعدنا على الاستفادة من الكتب وخاصة أولادنا في فترة الأجازة الصيفية
ولعلك عندما كنت طفلا أو شابا (( لم تجد من يدفعك الى القراءة ويحثك عليها ويوجهك الى ما يفيدك من الكتب ويعرفك على فوائدها وانعكاساتها على حياتك الشخصية والعملية بل والاجتماعية والأسرية كذلك )) , الحقيقة أن هذا هو السبب الرئيسي في تكاسل الكثير وزهدهم وانصرافهم عن القراءة والكتب , ولو تفكرنا قليلا وراجعنا المصادر عما قدمه العرب للعالم الغربي من نهضة وحضارة لوجدنا أنها تركزت في تلك العصور التي أهتم فيها العرب أشد الأهتمام بالكتب والتأليف والترجمة والبحث والعلم , فأهدوا للعالم علم الطب والهندسة والفلك وغيرها من العلوم في فترة من الزمن لم يكن العالم الغربي الا حقبة من الظلام والجهل. (( ولا بأس فما زال لديك متسع من الوقت لاستدراك ما مضى , ابدأ من هذه اللحظة , وعلى خطى ثابته في الاهتمام بالقراءة والكتب , وقرر أن تنشيء من وراءك جيلا من المثقفين من أبناءك وأحفادك
أهم عوامل التميز والتطوير , أن تتعرف على نقاط ضعفك وأسبابها الجذرية ومن ثم تحاول وبكل اجتهاد أن تجد الحلول اللازمة للتغلب عليها.
واليك بعض الخطوات العملية التي سوف تعيينك على الاهتمام بالقراءة بعد توفيق الله تعالى والاستعانة به , عليك أول الأمر أن تؤمن بأن (( الجهل مرض ودواءه القراءة والتعلم )) , فأنت أحيانا تحتاج الى الدواء المر للتغلب على المرض , (( لابد أن تؤمن في قرارة نفسك أن القراءة حتى وان كانت صعبة عليك بعض الشيء الا أنها الدواء الوحيد لداء الجهل
(( الفتوى بغير علم . لابد أن تتخلى تماما عن ذلك الداء العضال , (( قرر من الان الا تفتي فيما لا تعلم لا من أمور الدنيا ولا من أمور الاخرة , ولو اتخذت قرارك بذلك , فسوف يحثك على القراءة والرجوع الى مصادر العلم وينابيع الكتب حتى لا تقول فيما لا تعلم . كذلك , قلل من ارتباطك بمواقع التواصل الاجتماعي التي قد تسحبك الى نقاشات جدلية لا طائل من وراءها ولا مرجعية علمية يستند عليها كثير من المتناقشين , ولن تجني من وراء ذلك الا ضياع الدقائق والساعات . هل تعلم أنك تستطيع أن تصبح مرجعا عالميا في مجال ما من خلال قراءاتك وخبراتك ! فحسابيا لو قرأت ساعة واحدة فقط يوميا في تخصص ما فسوف تنتهي من كتاب كامل في هذا المجال خلال أسبوع , ما يعني خمسين كتابا بعد مرور سنة واحدة , وستكون خبيرا في هذا المجال بعد ثلاث سنوات , ومرجعا محليا فيه بعد خمس سنوات , وستصل للعالمية خلال سبع سنوات من قراءاتك اليومية لمدة ساعه في نفس المجال وهكذا ! انك لن تستطيع بحال من الأحوال أن تصبح (( متميزا )) الا بالقراءة والعلم , فالقراءة كنز ولابد أن تنهل منه